«عائشة» تجسد تميز المغرب في كراكوف ضمن حدث عالمي مميز

الفيلم المغربي “عائشة” يسجل إنجازًا جديدًا للسينما المغربية عبر عرضه عالميًا ضمن فعاليات مهرجان كراكوف السينمائي في بولندا، وهو إنجاز فريد يعزز مكانة السينما الوطنية في المهرجانات العالمية الرفيعة. الفيلم، الذي يمتد لمدة 25 دقيقة، يعالج قضايا اجتماعية شائكة بأسلوب جريء ومميز، مما يجعله تجربة فريدة تمزج بين التوثيق والدراما، جميعها بأسلوب سينمائي مبتكر مع استخدام تقنيات تصوير متنوعة.

الفيلم المغربي “عائشة” يفتح أفقًا جديدًا في السينما

يعالج فيلم “عائشة” قصة إنسانية مؤثرة لفتاة مراهقة تبلغ 17 عامًا تواجه تحديات داخل أسرتها، حيث تسلط الأحداث الضوء على علاقتها المعقدة مع والدتها وكيف تتخذ حياتهم منعطفًا مأساويًا. يُبرز العمل رحلة الأم الروحية خلال طقس صوفي كناوي حيث تبحث عن الخلاص وبناء رابط عاطفي مجددًا مع ابنتها، وتتجاوز القصة الحدود بين الواقع والخيال في سرد مليء بالعواطف والعمق الجمالي.
العمل مستوحى من أحداث واقعية مثل قضية أمينة الفيلالي التي هزت الرأي العام المغربي سنة 2012، ما يجعل الفيلم يحمل قيمة اجتماعية وإنسانية كبيرة. يُظهر الفيلم الجرأة في السرد وتوظيف الرمزية، لا سيما في مشاهد مثل المشهد الساحر على الشاطئ الذي يجمع البطلة مع شخصية رمزية تعكس جدلية الموت والحياة والبحث عن الذات، وهو مشهد مستلهم جزئيًا من فيلم “الختم السابع” للمخرج إنغمار برغمان.

حبكة سينمائية فريدة تجمع بين الوثائقي والدرامي

تميز “عائشة” بأسلوبه الفني غير التقليدي حيث اختارت المخرجة تقديم القصة بعيدًا عن السرد الخطي. تم استخدام المزج بين عناصر الروائي والوثائقي لتقديم تجربة بصرية ودرامية شاملة تخدم موضوع الفيلم. وقد تم تصوير أكثر من 96% من المشاهد باستخدام تقنيات تصوير حي، إضافة إلى استخدام رسوم متحركة ولقطات بكاميرا “سوبر 8” التناظرية، مما يمنح العمل طابعًا بصريًا فريدًا وجذابًا.
كما أشارت المخرجة إلى أن الفيلم لا يقدم تقنية التجريب من أجل التجريب وإنما لخدمة المضمون، مؤكدة أن الصدمة النفسية، كالثيمة الرئيسية في القصة، تعيد تشكيل تصورنا للزمن وتدفع المشاهد للتفكير بشكل أعمق حول الذات والمجتمع.

رسالة اجتماعية مغلفة بفن سينمائي جريء

بميزانية بلغت 60 ألف دولار فقط، يُظهر “عائشة” أهمية السينما المستقلة كأداة لتقديم قضايا شائكة ورسائل اجتماعية عميقة. يتناول العمل صراعاتنا الإنسانية ومعاني البحث عن الذات والتواصل بين الأجيال من خلال عدسة سينمائية تضيف بعدًا جديدًا للسينما المغربية. طقوس التصوف التي ظهرت بالفيلم قدمت بمشاركة فعلية لممارسي الطقس، مما يضفي واقعية وتأثيرًا عاطفيًا عميقًا.

يُعتبر فيلم “عائشة” خطوة جريئة تسلط الضوء على قضايا اجتماعية وفنية تحفز الحوار وتفتح أبوابًا جديدة للنقاش من خلال عالم السينما المغربية، ليبقى عملًا خلد نفسه ضمن الإنتاجات المؤثرة.