في ذكرى رحيله اليوم.. محفوظ عبد الرحمن يصنع تاريخ الدراما المصرية

تحل ذكرى رحيل الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن جبرتي، الذي يعد من أبرز الأسماء في الدراما المصرية، بتاريخ 19 أغسطس 2025، حيث رحل عن عالمنا في عام 2017 بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر يناهز 76 عامًا، مخلفًا إرثًا فنيًا استمر في تأثيره على الجمهور، خصوصًا من خلال مسلسلاته الفريدة مثل “بوابة الحلواني” و”أم كلثوم”.

تحديات محفوظ عبد الرحمن جبرتي في مسيرته الفنية

لم تكن مشوار محفوظ عبد الرحمن جبرتي في الدراما المصرية سهلاً، إذ شهد العديد من العقبات التي كادت توقف مشواره، ففي حوار نادر عام 2015 كشف عن الرفض المتكرر لأعماله قبل نجاح “بوابة الحلواني”، حتى وصل الأمر إلى منعه من دخول مبنى التلفزيون عام 1972 ووقوعه تحت تحقيقات بسبب توجهاته الفنية والجريئة التي لم ترق للكثيرين في ذلك الوقت، ما يؤكد مقدار الصعوبات التي واجهها في سبيل إيصال رؤيته.

مواقف محفوظ عبد الرحمن جبرتي السياسية في أعماله الدرامية

تميز محفوظ عبد الرحمن جبرتي بشجاعة عالية في تناول القضايا السياسية والحساسة، فقد تعرض مسلسله “ليلة سقوط غرناطة” للمنع المباشر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عام 1979، بسبب محتواه الذي دعا لرفض التطبيع مع إسرائيل، كما شهدت مرحلة حكم مبارك منع فيلم “ناصر 56” الذي تناول تأميم قناة السويس، واستفسار مبارك المثير في عرضه الأول عن من يحكم مصر فعلاً، فكان هذا مبدأ صدام آخر مع الأنظمة السياسية، ورغم كل ذلك سمح بعرض الفيلم لاحقًا وتحول إلى ظاهرة جماهيرية بامتياز.

الإرث الفني الباقي لمحفوظ عبد الرحمن جبرتي في الدراما المصرية

ظل محفوظ عبد الرحمن جبرتي متمسكًا بفكرة أن الفن يجب أن يكون سلاحًا في مواجهة القمع والرقابة، فحول أعماله إلى معالم تاريخية تعكس نضاله وفكره، وبقيت مسيرته شاهدة على فترة من فن التخطي للقوانين والرقابات، حيث كتب للسينما والإذاعة والتلفزيون والمسرح، ومن أشهر أعماله فيلم “حليم” 2005 بفخر إخراج شريف عرفة وبطولة أحمد زكي، بالإضافة لأعمال بارزة مثل “ناصر 56″ و”القادسية”. كما قدم مسلسلات عدة تركت بصمة كبيرة مثل “أم كلثوم”، “بوابة الحلواني”، “سليمان الحلبي”، “عنترة”، و”ليلة سقوط غرناطة”، بالإضافة إلى “الكتابة على لحم يحترق” و”قابيل وهابيل” و”الفرسان يغمدون سيوفهم”، مع الحفاظ على جودة الحكي وروح المقاومة في تعاطيه مع قضاياه الدرامية.

عمل محفوظ عبد الرحمن جبرتي على صياغة دراما تحمل في طياتها تاريخ مصر وأحداثها بطريقة جريئة غير تقليدية، مما جعله رمزًا لا يُنسى في الدراما المصرية، وخلال سنواته الأخيرة كان يؤمن بأن الكلمات والصور على الشاشة هي شهادة صادقة على مقاومة القهر، هذا الإرث الذي لا يزال يشكل مصدر إلهام للكتاب والمخرجين الذين يرفضون التنازل عن حرية التعبير.