خصومات السيارات الكهربائية في الصين تصل لمستويات قياسية وتهدد الأسواق العالمية

يواجه قطاع السيارات الكهربائية في الصين تحديات ضخمة بسبب انخفاض هوامش الأرباح بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث تقلص الفارق بين تكلفة التصنيع وسعر البيع إلى 10% خلال العام الماضي بعدما كان 20% قبل أربع سنوات، ما تسبب في تهديد فعلي لبقاء العديد من الشركات الصغيرة بالسوق، إذ يرى المحللون أن هذه الشركات قد تخرج من المنافسة أو يتم الاستحواذ عليها خلال العامين المقبلين إذا لم تكن قادرة على المنافسة بقوة.

شركات السيارات الكهربائية في الصين تعاني بسبب حرب الأسعار

تواجه شركات السيارات الكهربائية في الصين واحدة من أكثر الفترات الحرجة منذ نشأتها بسبب تفاقم “حرب الأسعار”، حيث أكد المحلل فات تشانج من منصة CnEVPost أن جميع الشركات تقريبًا أصبحت في مرمى هذه الحرب التجارية التي دفعتها لتقديم تخفيضات متواصلة لتجنب التراجع الكبير في المبيعات، مشيرًا إلى أنه في حال توقفت شركة ما عن خفض أسعارها فإنها تواجه خطر انخفاض المبيعات وبالتالي يصعب عليها تحقيق أرباح أو حتى البقاء في السوق، ومع وجود أكثر من 50 علامة تجارية تتنافس في القطاع المحلي، تبرز ثلاث شركات فقط تحقق أرباحًا مستدامة وهي BYD وLi Auto وSeres، ولكن حتى هذه الشركات تقدم خصومات كبيرة للحفاظ على حصصها السوقية، مما يعكس مدى الضغوط المالية التي تعيشها الصناعة.

تراجع أسعار السيارات الكهربائية واستنزاف مالي للشركات

تشير التقارير إلى أن متوسط الخصومات في قطاع السيارات الكهربائية بالصين وصل إلى مستويات غير مسبوقة بلغت 16.8% في أبريل الماضي، وهو ما يمثل زيادة عن نسب مارس التي بلغت 16.3%، وفقاً لدراسة أجرتها شركة “جي بي مورغان”، وقد أدى هذا التنافس الشرس إلى انخفاض متوسط أسعار السيارات الكهربائية بنسبة تصل إلى 10% خلال ديسمبر الماضي، ليصف المحللون الوضع بأنه “غير مستدام” ماليًا، وما يزيد من تعقيد الأمور هو أن التنافس الكبير داخل السوق المحلي لم يواكبه ارتفاع موازٍ في الطلب على هذه السيارات، مما زاد من الضغوط على أرباح الشركات، إذ أن التركيز على التسعير المنخفض استنزف الموارد المالية للعديد من العلامات التجارية وأجبر بعضها على الانسحاب.

التصدير.. طوق نجاة لشركات السيارات الكهربائية الصينية

في ظل الركود الذي يشهده السوق المحلي، بدأت شركات السيارات الكهربائية في الصين التركيز بشكل مكثف على التصدير كخيار استراتيجي للبقاء والتحقيق المبكر لأرباح أفضل، حيث تشير تقارير إلى أن صادرات السيارات الكهربائية شكلت نحو 33% من إجمالي صادرات السيارات الصينية خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 مقارنة بـ25% فقط خلال العامين الماضيين، ووفقًا للخبير نيكلاي من “جي بي مورغان”، فإن المبيعات الدولية توفر متنفسًا حقيقيًا لتلك الشركات خاصة وأن الأسواق الخارجية تتمتع بهوامش ربحية أعلى بكثير من السوق الصيني المزدحم بالمنافسين.

رغم وجود تفاؤل محدود بشأن التصدير كحل مؤقت، إلا أن الوضع الحالي يشير إلى ضرورة تدخل الشركات بمزيد من الابتكار واحترافية الإدارة لتجنب خسائر قد تكون فادحة على المدى الطويل، حيث يمثل التوازن بين التوسع الدولي والحفاظ على الحصص السوقية المحلية السبيل الوحيد لتجاوز هذه الأزمة.